ليس شيخٌ (معروفٌ) في الخليج كله؛ إلا ولطواغيت بلاده في عنقه بيعةٌ، لا ينازع في ذلك إلا جاهلٌ أو مكابرٌ، وحسْب أولئك أجمعين من شنيع بيعتهم الرخيصة خزيًا، لكنهم -على التحقيق والإنصاف- ليسوا سواءً؛ منهم الخونة المبايعون (بيعةً خاصةً) ومنهم الدراويش؛ فأما الخائنون فالراكضون في محابِّ الطواغيت ومراضيهم يسارعون فيهم، بعض أولئك الحُقراء أخبث من بعضٍ، عليهم -فجارًا غدَّارين- من المليك الجبار ما يستحقون، لا أجد بقلبي كبير مأويةٍ إليهم فيما جرى من تسلط ملوكهم عليهم؛ جزاءً وفاقًا، وحسبي أن أذكر -الساعة- غبطة بعض أوباشهم في السعودية -من قريبٍ- بإعدام أربعين مسلمًا أو يزيدون، ما نقموا منهم إلا أن يثوروا على الطغيان والفساد حسبةً للإسلام وأهله، أما حضُّهم أمريكا على دكِّ اليمن السعيد -بوَكالة أمرائهم- فالأرض لاعنةٌ والسماء ساخطةٌ وما بينهما شهودٌ وما تحت الثرى، وأما الدراويش فالساكتون عن قبائح الطواغيت ووقائحهم؛ يحسبون أن صمتهم ينجيهم من بطشهم، وأنهم إذا نشطوا للحق فيما يُؤذن لهم منه -دون ما يمنعون عنه- سلموا من بأسهم، ووالذي نفوسهم بيده إنهم لواهمون؛ فإن الجاهلية لم تزل تحارب الإسلام في ألطف معناه وأيسر مبناه، لا تأذن بدقيقه إلا شغلًا بجليله. نرجو الله -علا وتعالى- أن يجعل سجن هؤلاء الآخرين بركةً عليهم في قلوبهم وعقولهم، وأن يوقظهم بوطأة بلائه من دميم سُباتهم، وأن يبصِّر إخوة الحق -هناك- بعداوة أنظمتهم، وأن يهيء لهم من صالح الأسباب ما يُثوِّرون به الناس عليهم نظرًا وعملًا؛ ما على حميدٍ مجيدٍ بعزيزٍ ولا بعيدٍ أن يفتح ويمنح، الحكم حكمه والقضاء قضاؤه، لا إله إلا هو العزيز الرحيم.