فصولٌ من حكاية المطر اللذيذ.

فصولٌ من حكاية المطر اللذيذ.

رَوح رُوح الحياة والأحياء، وجَود جُود بارئ الأرض والسماء؛ كاد الماء يكون معنىً.

“وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ”.

“أوله رشٌّ وطشٌّ، ثم طلٌّ ورذاذٌ، ثم نضحٌ ونضخٌ، ثم هطْلٌ وتهتانٌ، ثم وابلٌ وجَودٌ”.

“فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السَّمَآءِ بِمَآءٍ مُّنْهَمِرٍ”.

“وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً طَهُورًا”.

“اللهم صيِّبًا نافعًا”.

“اللهم حوالينا ولا علينا؛ على الآكام، والجبال، والآجام، والظِّراب، والأودية، ومنابت الشجر”.

“اللهم سُقيا رحمةٍ؛ لا سُقيا عذابٍ، ولا بلاءٍ، ولا هدمٍ، ولا غرقٍ”.

“مُطرنا برحمة الله، وبرزق الله، وبفضل الله”.

“لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا”.

“وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ”.

“قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَآءٍ مَّعِينٍ”.

“ولا يعلم متى يأتي المطر أحدٌ؛ إلا الله”.

“ثنتان ما تُردَّان؛ الدعاء عند النداء، وتحت المطر”؛ هلمِّي أيتها الأفئدة العطاشى إلى غوث الله.

قال الشافعي رحمه الله: حفظت عن غير واحدٍ؛ “طلب الإجابة عند نزول الغيث، وإقامة الصلاة”.

في الاستسقاء؛ “اللهم اسقنا غيثًا مُغيثًا، مريئًا مَرِيعًا؛ نافعًا غير ضارٍّ، عاجلًا غير آجِلٍ”.

قال العباس لما استسقى به عمر -رضي الله عنهما- عام الرَّمادة: “اللهم إنه لم ينزل بلاءٌ إلا بذنبٍ، ولم يُكشف إلا بتوبةٍ، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة؛ فاسقنا الغيث”، فأرخَت السماء مثل الجبال؛ حتى أخصبت الأرض وعاش الناس.

“وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ”.

“هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ”.

“اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا”.

“أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا”.

“فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ”.

“وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ”.

“وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ”.

“لُنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنآ أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا”.

“وَمَآ أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا”.

“أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ”.

“أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ”.

“وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ”.

عن أنسٍ -رضي الله عنه- قال: “أصابنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مطرٌ، فحَسَر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟! قال: لأنه حديث عهدٍ بربه تعالى”؛ ليس كمثل أدب نبينا مع ربنا أدبٌ؛ جلَّ جلال المقام المهيب.

رأى ابنُ المسيب ابنَ عباسٍ -رضي الله عنهم- في المسجد، ومطرت السماء، وهو في السقاية، فخرج إلى رحبة المسجد، ثم كشف عن ظهره للمطر حتى أصابه، ثم رجع إلى مجلسه.

كان عليٌّ -رضي الله عنه- إذا أمطرت السماء؛ خرج، فإذا أصاب رأسَه الماءُ؛ مسح رأسه ووجهه وجسده، وقال: “بركةٌ نزلت من السماء، لم تمسها يدٌ ولا سقاءٌ”؛ ذلكم غرسُ المجتبى.

قال النووي رحمه الله: “يستحب إذا سال الوادي أن يغتسل فيه ويتوضأ منه؛ لما رُوي أنه جرى الوادي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اخرجوا بنا إلى هذا الذي سماه الله طَهورًا؛ حتى نتوضأ منه، ونحمد الله عليه”؛ يا فيض فضل الله الكريم الكبير؛ أغث قلوبنا بهذا الحب يا أطيب المغيثين.

“لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا”.

“لا تقوم الساعة حتى يُمطر الناس مطرًا عامًّا؛ ولا تنبت الأرض شيئًا”.

“ولم يمنعوا زكاة أموالهم؛ إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا”.

“ليست السَّنة أن لا تُمطروا؛ ولكن السَّنة أن تُمطروا وتُمطروا، ولا تنبت الأرض شيئًا”.

“ليس عامٌ بأكثر مطرًا من عام؛ ولكن إذا عمل قومٌ بالمعاصي؛ صرَّف الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعًا؛ صرَّف الله ذلك إلى الفيافي والبحار”؛ لكنَّ عافيتك يا رحمن هي أوسع لنا.

“اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرَد”؛ ويح الماء! لم يزل للبواطن والظواهر طَهورًا.

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينادي مناديه في الليلة المطيرة، أو الليلة الباردة ذات الريح: “صلوا في رحالكم”؛ إن يكن الماء رَوح رُوح الحياة؛ فإن رحمة الله للعالمين هو الحياة كلها.

شهود الجماعة خيرٌ؛ لحديث ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- قال: “جاءت سحابةٌ، فمطرت حتى سال السقف -وكان من جريد النخل- فأقيمت الصلاة، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يسجد في الماء والطين؛ حتى رأيت أثر الطين في جبهته”؛ عن الحب لا تسل؛ بدائع روائع سيد المخلَصين.

المطر في المنام خيرٌ لأهله في دينهم، وبركةٌ عليهم في معاشهم، وفرجٌ لهم في كرباتهم.

“وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ”؛ يُسكَب لأهل الجنة سكبًا، متفجرًا من فردوسها الأعلى؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا سألتم الله الجنة؛ فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنة”، ومن عجبٍ جريانه بها في غير أخاديد! سبحان الملك!

ونسيمٌ يبشرُ الأرضَ بالقطـ ** ــرِ كذيلِ الغِلالةِ المبلولِ

ووجوهُ البلادِ تنتظرُ الغيـ ** ـثَ انتظارَ المحبِّ رجعْ الرسولِ

أما حديث الحب في المطر فذو شُجونٍ، والمحبون في أجوائه ذَوو أحوالٍ وفنونٍ، وأرضى المحبين منه حظًّا أرقاهم إلى رتبة الجنون، وشعر العرب الأقدمين في كل شيءٍ منه أجلُّ وأوسع من اصطفاء حرفٍ منه هنا؛ حتى لأقول: ما أَلهمتْ شعراءَهم مادةٌ كالماء، وللمحدَثين نصيبٌ.

بعض الناس يُكئبه المطر من وجهٍ ويخافونه ويحذرون؛ لكنَّ عامة الخلق يُبهجها من وجوهٍ كثيرةٍ ويأمنون به ويستبشرون؛ بل هو لبعض عللهم الحسية والنفسية دواءٌ لطيفٌ؛ فتبارك الشافي.

“لا تقولي عد إلى الشمس .. فإني أنتمي الآن إلى حزب المطر”؛ شيءٌ قاله نزار؛ ألا إن للمطر من الناس أهلين، وإني من حزبه الظِّماء المجانين، أهواه حتى رائحته؛ يا طِيب أنفاس السماء.

أنعِش ربنا بالماء في الدنيا أرواحنا وأجسادنا، واسكُبه في الجنة من فوقنا، وأجْرِه بها من تحتنا.

أضف تعليق