“أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ

“أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى”؛ قانونٌ في الدعوة والمخالقة.

بين حروف عتابٍ لطيفٍ من ذي الجلال والإكرام، لمجتباه عليه الصلاة والسلام، إذ “عَبَسَ وَتَوَلَّى” عن عبد الله بن أم مكتومٍ رضي الله عنه؛ أجرى الحق -علا وتعالى- ذلك القانون.

أولئك الجاحدون المظهرون استغناءهم عن هداك يا محمد؛ أنَّى تتعرَّض لهم بضيائك؟! “فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ”، واطلب لسلعتك أولاء المطيَّبين الباذلين أثمانها؛ “وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا”.

ذلك قانون الله -عز ثناؤه- في مقام الدعوة إليه؛ خبيرًا بنفوس عباده -أنواعًا وأحوالًا- بصيرًا.

فإن تسل عنه في مخالقة الناس؛ فلا أحكمَ ولا أحسنَ؛ بل هو صلاح البال والحال والمآل جميعًا.

من قصد قلبك -وكان على شرط الله في الصحبة، ثم شرطك- فهرول إليه، ومن تحققتَ زهده فيك فازهد فيه مزيدًا، أعني في صلته على وجهٍ مخصوصٍ؛ فأما قطيعته العامة فلا تحل لك؛ ما دام مؤمنًا بالله ورسوله؛ فإن للمؤمن من الأُخوَّة العامة بما معه من الإيمان؛ “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ”.

في صداقةٍ قديمةٍ؛ كتبت -ذا تعبٍ- بالعامية لنفسي؛ “ياما جرينا من ناس بتجري ورانا؛ ورا ناس بتجري مننا”؛ فأنا اليوم -ذا عافيةٍ- أشتهي أن أكتبها لكل أحدٍ بكل لسانٍ؛ عذرًا أو نذرًا.

“سُكَّانُ قلبك”؛ مهما قدرتَ أن تَرجع بصرَك فيهم -كل يومٍ- كَرَّتين؛ فافعل؛ لعله أن ينقلب إليك حسيرًا في بعيدٍ كنت تجعله قريبًا، أو ينقلب إليك قريرًا في قريبٍ كنت تجعله بعيدًا، وكم!

حريصٌ أخوك على قلبٍ لم يجعل الله في جوفك غيرَه، على جَهدك أن يُمزَّق في وصلٍ رخيصٍ كلَّ ممزَّقٍ، على حياتك أن تبرح أيامها وقد برَّحتك لياليها، بأنفاس نفسك رؤوفٌ رحيمٌ.

إني أعيذك بالله أن تكون في حبك جبارًا، لا تشهد فيه إلا حظ نفسك؛ لكني أحب لحبك الحياة.

أضف تعليق