الذين نحبهم نحب لهم العافية لأنها خيرٌ لهم في أجسادهم ومعاشهم، والذين يحبهم الله يحب لهم البلاء لأنه خيرٌ لقلوبهم ومعادهم، حياة الأجساد في معافاتها وحياة القلوب في ابتلائها، العافية تستخرج فجور النفوس والبلاء يستخرج تقواها، الأجساد إلى زوالٍ والقلوب إلى بقاءٍ؛ ينظر الله في الدنيا إلى قلوب عباده لا إلى أجسادهم، وتنفعهم سلامة قلوبهم يوم القيامة ولا يضرهم عطب أجسادهم، العافية تحبِّب إليك الدنيا وتزينها في قلبك، والبلاء يكرِّهها إليك ويقرِّبك من الآخرة؛ الآن يتجلى لك سرٌّ من حديث رسولك صلى الله عليه وسلم: “إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم”.
يا وليَّ الله؛ سل الله العافية في كل ناحيةٍ منك، تلك عبادةٌ ألزَمَكَها الله ورسوله، لا تؤثر البلاء على العافية باطنًا ولا ظاهرًا، وتعوذ بالله منه دقيقِه وجليلِه، وإياك والتعرُّض له بكلمة فما فوقها جريئًا على الله، واعلم أن لله في العافية عقائد وعباداتٍ وأخلاقًا هي أشقُّ عليك وأعجبُ عنده، إن الذين يحسنون العبادة في العافية أرفع درجاتٍ عند الله وأولئك هم السابقون، لكنه حرفٌ يفقِّهك بالله والنفس والحياة والخلق والقيامة؛ جعلنا الله عبادًا له في السراء والضراء، واستخرج منا في كلٍّ ما يحب ويرضى.