ألوفٌ من المسلمين في العالم

ألوفٌ من المسلمين في العالم يُنيبون إلى الله بعد “كورونا”، ومئاتٌ من المسلمين في مصر يشهدون الجمعة بعد متواتر المطر وقاصِف الرياح؛ كطُلَّاب يُصلُّون في مواسم الامتحانات؛ هل ذلك خيرٌ!

يا حبيبي؛ إن مرضًا يَضطرُّك إلى ربك شفاءٌ، وإن سجنًا يُحوجُك إلى إلهك حريةٌ، وإن اكتئابًا يُرغمُك لمولاك سعادةٌ، وإن فقرًا يُلجئُك إلى سيدك غِنًَى؛ بإيجازٍ شديدٍ أقول لك: كل بلاءٍ يُذلُّك لله عافيةٌ.

إنه -حينئذٍ- يُبصِّرك بالغاية التي ما أُوجدت بعد عَدَمك إلا لها؛ “عبادة الله”، والعبادة الذل الاختياري، كمال الذل مع كمال الحب، فمن لم يذل لله (بأمره) طوعًا واختيارًا؛ أذله (بقدَره) كَرْهًا واضطرارًا.

إن خلْقك -بعد أن لم تكن شيئًا مذكورًا- لم يكن أمرًا مقصودًا لنفسه كما يُجَهِّلُك “دين الإنسانية” الكذاب الأَشِر؛ لقد كانت حكمته اليتيمة -وستبقى- “عبادة الله”، إفراد الربِّ الذي تفرَّد بالخلق بالطاعة المُطلَقة في الباطن والظاهر، فإذا انقلب الأمر -بشدة جهلك بربك، وكثرة ظلمك لنفسك- فتوهَّمت حياتك مقصودةً لذاتها، وأنك في هذه الدنيا ليحصُل لك ما تريد لا ما يُراد منك “عبادة النفس”، فقدَّر لك البرُّ الرحيم شدةً تُقوِّم بَوْصَلَتك، وتُصحِّح بصرَك، وتُسدِّد خَطوك، وتُلَيِّن منك ما قسا، وتُطَوِّع منك ما عصى؛ لتأخذ بكل ما فيك -وما أوتيت في هذه الأرض- لمستحقٍّ واحدٍ في السماء؛ فلَعَمْرُ الله ما هي بشدةٍ؛ بل هي الرخاء نفسُه وعينُه وكلُّه وجميعُه، ولقد أحسن إليك أحسنُ المحسنين بأحسن الإحسان.

إن الذين لا يذلون لله في العافية مختارين، ثم إذا ابتلاهم ربهم ليُخضِعهم إليه لم يذلوا مضطرين؛ لا يبقى لهم ظرفُ زمانٍ ولا ظرفُ مكانٍ يذلون فيه إلا يوم القيامة؛ “خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ”؛ إن مراد الله منك كائنٌ لا محالة؛ فليكن مع الحب ذلك خيرٌ.

أضف تعليق