“لن تُفتح المساجد إلا بعد

“لن تُفتح المساجد إلا بعد ذَهاب الوباء”؛ ما قولُ كُهَّان الطاغوت -شَوَتْ نَزَّاعَةُ الشَّوَى لُحومَهم وكَوَتْ عظامَهم- ذلك؛ إلا زيادةٌ في الكفر، وَعَى هذا الوَاعُون، واستهبل عنه المستهبلون، وقُتل الدَّجَّالون.

سيقول معاتيه الناس: ما براهينكم الشرعية على إِمْرَاقِ رؤسائنا وأشياخنا؟ لا تجيبوهم؛ لقد بات الحُكم على الطواغيت وكُهَّانهم وسائر أوتادهم حُكمًا حِسِّيًّا عقليًّا، من عَدِمَه لم يُخاطَب بالشريعة أصلًا.

إن بين اجتناب المسلمين صورة الاجتماع في الجُمعة والجماعات المعهودة، وصورة منعهم منها على كل وجهٍ؛ صورةً يعرفها كُهَّان الطواغيت بما علَّمهم الله في شريعته؛ لكنه إفراد الطاغوت بالتأمين.

لا يحاذر الطاغوت اليوم إلا نقصانَ رهبة الناس منه بزيادة رهبتهم للإله الحق الذي له الرَّهَبُوتُ طَوْعًا واختيارًا؛ بعدما أشهدهم -سبحانه وتعالى- من جلال قادِريَّته وقاهِريَّته ما أشهدهم، والكُهَّان ضامنوه.

هل أتتكم أفاعيل ضِباع الطاغوت الضارية المُلَقَّبَة “الأمن الوطني”؛ منذ نشط في مصر “كورونا”! غَشَوا بيوتًا ما أفاق أهلوها من غَشَيان موتٍ قريبٍ بعدُ؛ ليُبلِّغوا رسالة العَرْص: “أنا أنا لم أزل أنا”.

لم لا يجتمع أهل الإسلام على آخر عُرْوَةٍ من عُرَاهُ لم تُنقَض .. في آخر حصنٍ من حصونهم لم يُهدَم .. على نحوٍ معيَّنٍ يُبصَّرون به ويُعانُون عليه! وإن أهل الصلوات لَأَلْيَنُ أهل الأرض بمألوف التذلُّل لله.

شارعٌ واحدٌ في كل حيٍّ يجتمع فيه المسلمون على جُمعاتهم وجماعاتهم متباعدين بالقدْر الذي يتوقَّون به الوباء؛ ليس هذا بِدْعًا من الرأي؛ بل فعله مسلمون حولنا رأيناهم؛ لكن لم يزل اجتماعنا مرعبًا.

كثيرةٌ سهلةٌ هي الحُلول لمن كان بالله مؤمنًا ولشعائر دينه معظِّمًا؛ لكن الإيمان بالجاهلية لم يُبق في عقولهم محلًّا لتفكيرٍ في مصلحةٍ للإسلام، إنما حُلولهم لأقسام الشرطة، وجميع ما ألهى عنهم الناس.

يخشون تفشِّي الوباء في اجتماع أهل الله! ماذا عن اكتظاظ السجون بأهلها! فليُخرجوا من قرَّبتهم أعمارُهم من قبورهم ومن خرَّبت أمراضُهم جُسومَهم حتى لم يَبق فيهم شيءٌ لشيءٍ؛ لو كانوا صادقين.

صلاح معاش الناس بصلاح نفوسهم، وصلاح نفوسهم بحفظ عقائدهم وشرائعهم؛ لم لا تُنظَّم أمور دين الناس كما يُنظَّم لهم كثيرٌ من أمور دنياهم، أو يُترَكون فوضى في دينهم كما يُترَكون في سائر دنياهم!

هذا سؤالٌ ليس إليهم؛ وهل يسأل عاقلٌ عدوَّه: لم تقبض في منافعي ومصالحي وتبسط في مضارِّي ومفاسدي! إنما هو لك؛ ليقضي على بقايا العقل الإخواني والسلفي وأشباههما في رأسك، والله قديرٌ.

أيها المُتَمَحِّلون المعاذير للطغاة في مسارعتهم في إيصَاد مساجد الله، وأنتم على خذلانهم الناسَ في نكبة السيول الأخيرة شهودٌ؛ إن بيننا وبينكم ميقات يوم الفصل، أو يُعَجِّل الدَّيَّانُ لنا قبل بلوغه تأديبَكم.

هنا قرأت تساؤلًا مسكينًا لرجلٍ مسكينٍ حسبته للحظةٍ هبط على كوكب الأرض بطبقٍ طائرٍ من كوكبٍ مجاورٍ؛ يقول: أين المؤسَّسات الدينية من أنواع المحرمات التي تعصِف بآخرة الناس لا بدنياهم!

يا أخا العجب؛ إنما هي حرامٌ في ديني ودينك، أما في دين هؤلاء ففرائضُ يجب أن يُعان الناس عليها، وإنما الحرام الأوحد عندهم أن يخطُر لإنسانٍ على قلبٍ الخروجُ على مولاهم الذي يتولَّونه ويتولَّاهم.

يا أصحاب الرسالة؛ ستعيشون وتموتون ولن تسمعوا لثالوث الأزهر (الشيخ والمفتي والوزير) كلمةً يتيمةً في صُنوف الطغيان الواقع عليكم بإسلامكم الكامل الشامل؛ فاكفروا بهم كما لم يؤمنوا بكم قطُّ.

لم أجد في صدري على القوم -حين أوصدوا بيوت الله أن يُذكَر فيها اسمُه- شيئًا جديدًا؛ فذلك مقتضى الكفر والحربية، وكما قلت لكم: كُفر الرِّدَّة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصلي؛ كيف بمَرَدَة المرتدين!

إنما الذي وجدت في حلقي من المرار، وفي نفسي من القرف؛ فعَلى فلانٍ الذي يزعم لنفسه بفتنة طَبَّاليه -هنا- المشيخة؛ ذلك الذي لم أزل أستشنع طَراوته من قديمٍ كما يَستشنع الرجل شِبْهَ ذَكَرٍ إذا تَثَنَّى.

لا الحقَّ ينصر ولا الباطلَ يَكسر في كل داهيةٍ تفرض فرقانَ الله بنفسها على كل موحِّدٍ تضطرم نيران الغيرة على الإسلام في فؤاده، ينعته طَبَّالوه بالحكمة التي حُرِمَها السفهاء المتطرفون أمثالُنا؛ إِتْفُو.

ذاتَ برودةٍ سالفةٍ منه؛ وجدتني أقول: ربِّ إن لم تَسبق لي منك الحُسنى في دنياي، فسلَّطتَ علي بآثامي عدوًّا يكيد لي؛ فاجعله رجلًا أتبصَّر في الكيد رُجولته، لا مخنثَ غيرَ ذي مَفاصلَ فأكون من المعذَّبين.

هرول البارد -فيمن هرول من التُّعساء- ليؤكد رُجحان إغلاق المساجد عقب إعلان الطواغيت ذلك، كأن الكفرة الفجرة حُرَصاءُ على سلامة المسلمين أن تُثْلَمَ في بيوت الله! وإنما هرولته خزيٌ وخذلانٌ.

لماذا أغلقوا المساجد سراعًا وأضرُّ منها مفتوحٌ أو بينَ بينَ! لأن أَوْطَى جدارٍ عند هؤلاء -منذ كانوا إلى يوم لا يكونون- جدار الإسلام لو كان له في عيونهم جدارٌ؛ أغلِق يا ذا الانتقام عليهم أبواب كل رحمةٍ.

أما الكلب العقور الفارُّ من السلفية يُنزل أهلها منزلة أكفر الملحدين، فيَجْلِبُ عليهم بخَيله ورَجله يقظانَ نائمًا وما بينهما، ثم يَرفق بالطواغيت إذ يحضُّهم على السماح بصلاة الجمعة فيُسمِّيهم ولاة الأمور.

لم أعجب من هذه، ولا من خُنوثته مع كاهن الأزهر الأكبر من قريبٍ أيام طار الناس بفارغته الجَوفاء كل مطيرٍ، ولا من تَرَضِّيه عن البوطي الذي فَطَسَ في نفاق الملعون ابن الملعون بشارٍ أحرقهم الله.

كلما تعوذتَ بالله من شر “كورونا”؛ فتعوذ به من شر طالب علمٍ جُعلت هزيمته النفسية بين عينيه، همُّه وهمتُه -في كل مفاصلةٍ- أن يقول للغالبين: إني قريبٌ منكم أقول ما تقولون؛ سلفيًّا كان أم أزهريًّا.

لقد مضت سُنة الله غير متبدِّلةٍ ولا متحوِّلةٍ؛ “من فرَّط في ولائه أدَّبه الله في برائه”، وكم والله أبصَرْنا حتى أقصَرْنا وسمعنا حتى وَجِعنا! لا يزيد عبدٌ في معاداة المؤمنين إلا زاده الله في موالاة الكافرين.

هي فتنٌ يُرَقِّق بعضُها بعضًا يا عباد الله؛ فتزوَّدوا لها بتجريد التوحيد وحَسن التعبُّد وبالمرحمة، وتفقَّهوا -وإنْ بالسؤال- فما نجا من فتنةٍ أخو جهلٍ بل يَضل ويُضل معه؛ بك اللهم العصمةُ وتوفَّنا مسلمين.

يا فرِحًا بالثبات كلما زاغ الزائغون؛ نحن قومٌ مستورون بغِلالَةٍ رقيقةٍ اسمُها “عافية الله”، من آخذَه الله بما يستحق لم يَبق تحتها مستورًا؛ أفلح من نسج للبلاء في زمان العافية ثوبًا من متين الإيمان سِتِّيرًا.

إغلاق المساجد شرٌّ مستطيرٌ، شرٌّ مستطيرٌ إغلاق المساجد، لكل أجلٍ كتابٌ، ولكل سافرةٍ حِجابٌ، وإني أعوذ بمعافاة الله أن تستحيل الظنونُ في مُرتقَب الأمور يقينًا؛ أنجِحِ اللهم بُشْراك وخيِّب نُحُوسَنا.

دَخِيلتي أهتكها لكم: أنا أحب “كورونا”؛ لم ولن يفعل بنا ما يفعل الطواغيت؛ بل يصيب منهم قليلًا وإن أصاب منا كثيرًا؛ لكن موتانا به في الجنة برحمة الله، وفَطَسَاهم به في النار بعزته، وسلِّم يا حقُّ.

أضف تعليق