تعالَوا للبكاء.
“وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ”.
“وأنا آخُذ بحُجُزِكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدَي”.
لا والله؛ لا يبقى قلب محبٍّ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ هاتين؛ إلا كاد أن يطير.
أما الآية في غزوة أحدٍ؛ فيقول فيها ابن عباسٍ رضي الله عنهما: كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- يناديهم من خلفهم: “إليَّ عبادَ الله ارجعوا، إليَّ عبادَ الله ارجعوا”؛ يا محب رسول الله؛ أحسن تصوُّر حبيبك ماشيًا خلف أصحابه -متفرقين- وحاله حالٌ، يناديهم إلى رضوان الله أن يجتمعوا على سببه الأكبر، وليس له بهم حاجةٌ وربُّه حسْبُه؛ لكنها رحمة فؤاده الرؤوف، يحاذر عليهم فَوَاتَ الجنة.
وأما الحديث فأوله: “مَثلي ومَثلكم كمثل رجلٍ أوقد نارًا، فجعل الفَراش والجَنادِب يقَعْن فيها، وهو يذُبُّهن عنها، وأنا آخُذ بحُجُزِكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدَي”؛ هم المختارون اقتحامَ النار بإيثار معاصيهم على طاعات الله، المستدبرون وجهَ الرسول مستقبلين وجوهَ أهوائهم ودنياهم والشياطين، وهو -مع ذلك- يأخذ بمعاقد سراويلهم التي يصعب عليهم إذا شُدُّوا منها أن يفلتوا؛ لكنهم يفلتون.
واخجلاه من قلبك يا رسول الله! ما أعظم الشُّقَّة بين تمام محبتك لنا، ونقصان محبتنا إياك!
ربِّ ابسُط لقلبي في العلم به؛ حتى أحبه كما ينبغي له.
لبَّيْكاه حبيب الله؛ عزمًا على حبك.
إخوانُك نحن.