ومن عجبٍ خائنون قاسُون يحسبون

ومن عجبٍ خائنون قاسُون يحسبون أنفسهم أُمناء رُحماء!

يخالط أحدُهم النصارى ما يخالطهم، فلا يُعَرِّفهم بكفرهم وإشراكهم بِبِنْت شَفَةٍ، ولا يدعوهم إلى الإسلام والتوحيد بكلمةٍ يحرِّك بها لسانه، وهو يعلم أنه لو مات الواحد منهم على كفره وإشراكه؛ خُلِّد في النار لا يخرج منها أبدًا بيقينٍ لا ريب فيه، وقد يزيدهم فتنةً بالكفر وإغراءً بالشرك بإحسان المعاشرة إليهم مجرَّدةً من الدعوة إلى الله؛ كما علَّمه الدجالون من الدعاة إلى الإسلام -زعموا- إذ يقولون لعامة المسلمين: حَسْبكم الإحسان إلى المسيحيين بأخلاقكم لتُحببوهم إلى دينكم، وهم بذلك مُحَادُّون للقرآن في طريقته مُشَاقُّون للرسول في سيرته، وهم يعلمون أنهم كذلك. ألا ما أشد خيانتهم للنصارى وأقسى قلوبهم عليهم!

يخالط أحدُهم مرتدًّا عن الإسلام بناقضٍ من نواقضه الصريحة؛ كموالاةٍ للكافرين مكفرةٍ، أو تركٍ للصلاة بالكلية، أو سبٍّ للدين لا لَبْس فيه، أو صرف عبادةٍ إلى مقبورٍ مما لا يُصرف إلا لله، أو تحاكمٍ اختياريٍّ إلى حُكمٍ من أحكام الجاهلية، أو إنكار معلومٍ من الدين بالضرورة قد استوى فيه عِلْم الخاصة والعامة، أو استهزاءٍ بشريعةٍ من شرائع الإسلام المعلومة للكافة، أو عمل سحرٍ مكفرٍ لا اختلاف فيه، ثم هو لا يُعَرِّفهم ما خرجوا به من الإسلام فصاروا كفارًا، ولا يردُّهم إلى دين الإسلام بفصل الخطاب، وقد يزيدهم فتنةً بالرِّدَّة بإحسان المعاشرة إليهم مجرَّدةً من الدعوة إلى الله. ألا ما أشد خيانتهم لهؤلاء وأقسى قلوبهم عليهم!

يخالط أحدُهم مبتدعًا بدعةً لا ارتياب فيها وقد يكون حاضًّا عليها، أو ظالمًا ظلمًا سافرًا لا ينزع عنه ولعله يتبجَّح به، أو فاسقًا مجاهرًا بفسوقه لا يبالي، يتعلل باضطراره إلى مخالطتهم فهُم من أهله أو أصحابه أو رؤسائه، يركب معهم الفتنة طبقًا عن طبقٍ؛ فيكون أول الشأن منكرًا عليهم معاصيهم بلسانه، ثم تبرد الغيرة على حدود الله في نفسه فيخالطهم ساكتًا عنهم زاعمًا الإنكار بقلبه، ولا يُتصور إنكار المنكر بالقلب مع مخالطة أهله مخالطةً اختياريةً؛ حتى يُتصور وُلُوجُ الجمل في سَمِّ الخِياط، وقد يزيدهم فتنةً بالمعاصي بإحسان المعاشرة إليهم مجرَّدةً من الدعوة إلى الله. ألا ما أشد خيانتهم لهؤلاء وأقسى قلوبهم عليهم!

يا بني الإسلام؛ إن لم تهدوا الناس إلى الله؛ فلا تضلوهم.

أضف تعليق