“أصحاب العربية جِنُّ الإنس؛ يُبصرون ما لا يُبصر غيرهم”؛ قالها الشافعي.
ما ألقاها على لسان سيدي أبي عبد الله إلا ملَكٌ كريمٌ، وإن أهل العربية -الذين هم أهلُها- لكَما نَعَتَهم سليلُ بيت النبوة رضي الله عنه؛ فإنهم كسائر البشر خلقهم البارئ -تَبَارَكَ- من صلصالٍ كالفخَّار، ثم خلق بلسان العربية في أوعيتهم لَهَبِيَّةً من مارجٍ من نارٍ، فأفادهم بالطين رزانةً ورصانةً وبالنار حِدَّةً وسَوْرَةً، فلما اختلطت فيهم تلك الأضداد، وكان عالَم المحسوسات وعالَم المعاني في حقيقتهما شيئًا واحدًا لا تَنْفَكُّ فيه هذه عن تلك؛ صار هؤلاء كلما عاينوا معنًى في محسوسٍ أو محسوسًا في معنًى؛ تجلَّى لهم فيه ما لا يتجلَّى لسواهم من الأَنَاسِيِّ الذين ليس في تركيبهم إلا مادةٌ واحدةٌ؛ فسُبحان بارئ الشافعي!