يا توأم ديني؛ لا توبة بغير ندمٍ، الندم عمود فسطاط التوبة؛ لكن حسبك من الندم قدْرٌ يعينك على ثلاثٍ؛ بُغْضِ الخطيئة، عزمٍ ألا تعود إليها، فعلٍ للطاعة بعدها لتَحُلَّ عند الله محلَّها، فأما ما زاد من الندم على هذا القدْر المستصلِح؛ فوبالٌ عليك في عاجل أمرك وآجله؛ فإنه يُبَغِّضُ إليك نفسك، وإنك متى أبغضت نفسك حقرتها، فقعدت بها عن طلب المعالي غيرَ مُبَالٍ بطول مُكْثها في المخازي، وهل يطلب معالي الأمور اليومَ وفردوس الله الأعلى غدًا؛ إلا عاشقٌ لنفسه العشق الحق! ذلك العبد الذي يَضِنُّ بها على النار وما قرَّب إليها من قولٍ وعملٍ، فإن هو اقترب مما يُقَرِّب من النار؛ نهض من عثاره فأتى اللهَ بالتوبة هرولةً، فأتاه الله بقبولها هرولةً جزاءً وِفاقًا إنه هو الغفور الشكور.
أخا السبيل؛ إنما الندم الحق الذي يُسْخِطُك على معصيتك، لا الذي ينفخ فيه الشيطان فيجعل سخطك على ذاتك؛ أفلح النادمون لا يزيدون ولا ينقصون.