قال: عزمت على معصيةٍ وهيَّأت

قال: عزمت على معصيةٍ وهيَّأت نفسي لها، ثم دخلت الخلاء اضطرارًا قبل مقارفتها، فوجدتُني أتوضأ بغير عزمٍ على الوضوء، فلما خرجت أنساني الله المعصية، وشرح صدري لصلاة ركعتين تطوعًا؛ ما هذا الذي فعل الله بي! لا يُيَسِّرني للعسرى وقد عزمت عليها، ويُيَسِّرني لليسرى ولم أَهُمَّ بها!

قلت: هو الرحمن؛ ربٌّ لا أولى بك منه مُدَبِّرًا سعادَتك، إلهٌ لا أولى بك منه مُيَسِّرًا عبادَتك، غنيٌّ ما يفعل بعذابك وقد خلقك لجنته! كريمٌ يدُه ملأى فلا عجب أن يمنعك عصيانه، وهَّابٌ يعطي بغير استحقاقٍ فلا غَرْوَ أن يمنحك رضوانه، قدُّوسٌ عن كل عيبٍ فأعانك أن تُقَدِّس له فلا يُدَنِّسك البِعاد، ودودٌ إذا أحب أدهش ولا أعظم في حُبِّه من تذليل أسباب قُرْبِه، شكورٌ لعل حسنةً لك سبقت عنده فحال بها بينك وبين سخطه، خبيرٌ يعلم أنك لا تحب معصيته -وإن فعلت- فأقصاك عنها، مجيبٌ لعل دعاءً لك بتوبةٍ وهدًى وقع جوابه الآن، حفيظٌ وخيرُ حفظه لك صَوْنُك عن مُحَادَّته، عزيزٌ شاء منعك الذنبَ فأنساك إياه، قديرٌ شاء عصمتك من السقوط فصرفك عنه، لطيفٌ شاء معافاتك فباعد بين ذرَّات عزمك على الخطيئة فانفسخ، مُقِيتٌ قبض أقوات عقلك عن تدبير معصيتك ولو بسط فيها لعصيت، مقدِّمٌ مؤخِّرٌ قدَّم مراضيه منك فتأخرت مغاضبه عنك، حَيِّيٌّ صرفك عما يستحيي أن يراه منك، سِتِّيرٌ لعلك لو عصيته هذه المرة انكشف سترُك، وليٌّ تولاك بالرأفة فكفَّ عن نفسك فجورها وبالرحمة فألهمها تقواها، فتَّاحٌ فتح لك مُغْلَق الطاعة فانغلق مفتوح المعصية، مؤمِنٌ آمنك من أسباب حسابه، سلامٌ سلَّمك من موجبات عقابه؛ سبحان ربك وتبارك!

يا صديقي؛ إن لكل اسمٍ من أسماء ربك الحسنى أثرًا عظيمًا هنا، ذلكم الله.

أضف تعليق