باسمك اللهم مستعانًا على إحقاق الحق وإنصاف الخلق؛ أَرْقُم هذا:
ربِّ اهد مشركي القبوريين من قومنا إلى توحيدك؛ قبل لقائك والحساب.
القبوريون: عُبَّاد القبور؛ الداعون مع الله الموتى، المستغيثون بهم، الناذرون لهم والذابحون؛ أولئك المشركون بالله في العبادة، مهما كانوا بكثيرٍ من ربوبيته مُقِرِّين، لا فرق بينهم وبين المشركين الأوائل في الحقائق والصور.
ليس هذا بمذهبٍ للوهابية كما يصوره لكم طَغَام الزنادقة عليهم من غضب القهار وعقابه في دورهم الثلاثة ما يستحقون، وشرِّفنا اللهم بوَأْدِهم.
هذا، وليس الشيخ محمد بن عبد الوهاب -فيما أدين الله به- بشيخٍ للإسلام ولا بإمامٍ؛ كم قلت هذا في الواقع والمواقع لا أهاب في الحق عُقْباها!
لكنَّ دعاء الموتى والاستغاثة بهم والنذر والذبح لهم؛ شركٌ صريحٌ أكبر يجعل محمدًا -إذا قارَفَه- مثل جرجس، وفاطمة -إذا اقترفته- مثل كريستينا.
ليس هو بمذهبٍ للوهابية ولا لطائفةٍ سواهم؛ إنما يجعله كذلك الدجالون المزينون لعوامِّ المسلمين الشرك من عمائم الطواغيت سعَّر الله بلُحوم أهلها النار وعظامهم؛ ليَسْهُل عليهم إبطال توحيد الله بالإرادة والقصد، كالذين يجعلون إفراد الله بالحاكمية والحُكم والتحاكم “قُطْبِيَّةً”؛ ليَسْهُل عليهم إبطال توحيد الله في الطاعة والحُكم، وكل قبوريٍّ قصوريٌّ إلى قيام الساعة.
بل هو دين المسلمين الأوائل الذي تركهم عليه سيد الأولين والآخرين صلى الإله عليه وسلم، ومن زعم فرقًا بينه وبين شرك الكفار قبل الإسلام فهو أضلُّ من حمار أهله، كان الأولون يعتقدون لله من الربوبية والأسماء والصفات ما يعتقدون؛ لكنهم في الألوهية مع الله مشركون، والقبوريون اليوم كذلك لا فرق، كما لا فرق بين مستغيثٍ بمريم -عليها سلام الله- أن تشفي والده أو تعافي ولده، وبين قبوريٍّ يفعل مثل ذلك مع الحسين عليه سلام الله، إلا فروقًا خلقها شياطين الجن في عقول شياطين الإنس قبوريةِ الزمان من الأزهريين والأشعريين ومن لفَّ لفَّهم من منكوبي السلفيين الخِنَاث؛ أكبَّهم الجبار على وجوههم في جهنم أجمعين لِقَاءَ ما يسوقون إليها من المسلمين زُمَرًا.
ذلك، وليست كل القبوريات شركياتٍ؛ منها بدعٌ وضلالاتٌ، فأما دعاء المقبورين -أنبياءَ وأولياءَ- فشركٌ أكبر ناقلٌ عن التوحيد، مهما كان مع صاحبه من إيمانٍ ببعض الربوبية وبعض أسماء الرب وصفاته؛ حَسْبُ توحيدِ اللهِ اللهُ.
يا لئام الأنام؛ قاتلوا الوهابية بعلمٍ وعدلٍ ما شئتم، إنْ كبيرهم إلا واحدٌ من المسلمين له ما له وعليه ما عليه، وبين ما له وما عليه تصوراتٌ وتصرفاتٌ تحكى عنه يجب توثيقها وتحقيقها قبل الفصل فيها، لا يعتقد مشيخته للإسلام بَلْهَ إمامته إلا جاهلٌ بمشيخة الإسلام والإمامة أو جاهلٌ به، فأما أن يكون شيخًا من شيوخ المسلمين أصاب وأخطأ فاللهم نعم؛ لكنْ (قلب الترابيزة) على عقيدة التوحيد العظمى (إفراد الربِّ الواحد الأحد بالإرادة والقصد)، وجعْل دعاء الموتى والاستغاثة بهم والنذر والذبح لهم؛ (حرامًا غير شركٍ) في مرحلة النُّكوص الأولى، ثم (مكروهًا) في الثانية، ثم (مباحًا) في الثالثة، ثم (تقريبًا له وفُتُونًا به ودعوةً إليه وحضًّا عليه) في آخر مراحل الكفر البَواح؛ فاللهم أمكِنا من رقاب أولئك السُّطَاة على توحيدك نجُزُّها بسيف حقك المقدَّس جَزًّا يعجبك فوق عرشك الذي استويت عليه علوًّا بذاتك وصفاتك؛ كفى بعَجب الله!
الآن آن أوان قول فاجرٍ يحسب أن الله لا يعلم سِرَّه ونجواه وأنه علَّام الغيوب: هذا حمزة يكفر ألوفًا من زائري أضرحة أولياء الرحمن تكفيرًا صريحًا.
أُفٍّ للخبيث قدَر فأظهر أو عجز فأضمر؛ فإني لَمِن قومٍ لا يرهبون معبوديهم الطواغيت؛ أفنتقي السِّفْلة الذين هم لهم عابدون! سبحانك اللهم!
فَلِغَير عدوِّ نفسه ودينه تِبياني: ليس كل من دعا المقبورين بما لا يُدعى به إلا الله -من عوامِّ المسلمين- كافرًا مشركًا؛ منهم المعذورون بجهلهم الاضطراري، وكثيرٌ منهم غير معذورٍ بجهله الاختياري، ومن لم يفرِّق بين الجهل الاضطراري الذي لم يكن لصاحبه حيلةٌ في دفعه، وبين الجهل الاختياري الذي شاءه صاحبه (بالإعراض عن العلم الواجب بالدين الذي ما خُلق إلا لأجله؛ شُغلًا بالخبرة بالدنيا والفناء فيها)، من لم يفرِّق بين هذا وذاك فقد جنى على الحق والخلق جنايةً لا أَطَمَّ منها ولا أَعَمَّ؛ قد جعل الله لكل جهلٍ قدْرًا، كل حُكمٍ عنده بحُسْبانٍ.