إني -وعلَّامِ غيوبِ القلوبِ- لأحنُّ حنينًا شديدًا إلى كل من صحبته في حياتي كلها، بل إلى من عرفته يومًا، بل إلى من رأيته بُرهةً من نهارٍ، ولقد نظرت إلى شفاء علة قلبي هذه في الدنيا فلم أجده؛ إن ذكَر القلبُ شُغلت الجوارح، وإن فرغت الجوارح ضاقت الحال، وإن وسِع مكانٌ لم يسع زمانٌ، ثم إن من هؤلاء من فارق الحياة، ومنهم مهاجرون، ومنهم أسرى، ومنهم من لا أعرف اليوم عنه شيئًا.
تعرفون أحبتي ما شفاء ذلك؟ “جنات الخلد”؛ الجنة وحدها هي دواء هذا الوجع، الجنة شفاء الأرواح العليلة بتباريح الفراق، الجنة رواء القلوب الظامئة لهوىً لا ممنوعٍ ولا مقطوعٍ، الجنة غوث نفوسٍ ولهانةٍ لهفانةٍ تتوق إلى ظلال وصالٍ دائمٍ بمن تعلَقُ، الجنة الجامعة، الجنة المشتهى والمنتهى.
يا ذا الجلال والإكرام؛ بأنك بارئ الحب وعجائبه؛ يسِّر لنا من أسباب محبتك ما تخلِّدنا به في جنتك.