الإنسان؛ ما الإنسان؟ وما أدراكم ما الإنسان؟
أنا، ونحن، وأنتَ، وأنتِ، وأنتما، وأنتم، وأنتنَّ، وهو، وهي، وهما، وهم، وهنَّ.
لم يعظ قلبي فينا حرفٌ من قولٍ بشرٍ؛ كقول أبي العلاء:
صاحِ هذي قبورُنا تملأُ الرُّحـ ** ـبَ فأينَ القبورُ منْ عهدِ عادِ
خفِّفِ الوطءَ ما أظنُّ أديمَ الـ ** أرضِ إلا منْ هذهِ الأجسادِ
وقبيحٌ بنا وإنْ قَدُمَ العهـ ** ـدُ هوانُ الآباءِ والأجدادِ
سِرْ إنْ اسطعتَ في الهواءِ رويدًا ** لا اختيالًا على رُفاتِ العبادِ
رُبَّ لحدٍ قدْ صارَ لحدًا مرارًا ** ضاحكٍ منْ تزاحمِ الأضدادِ
ودفينٍ على بقايا دفينٍ ** في طويلِ الأزمانِ والآبادِ
تلك أبياتٌ من تأملها أخذت بمجامع نفسه أخذًا شديدًا، وسهل عليه التواضع للحق وللخلق، وعيتها صغيرًا عن شيخٍ أسيرٍ فرَّج الله عنه؛ فكأن صوته -الساعة- في أذنيَّ، وكأن ظهري حديث عهدٍ بسياطها، لوددت أنكم تحفظونها أجمعون؛ فتُسمعونها -كل حينٍ- أنفسكم ومن تحبون.
أما قول ربِّي -وأحقُّ القولِ قولُ ربِّي- فالمنتهى: “إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا”.