روى مسلمٌ -رحمه الله- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو؛ مات على شعبةٍ من النفاق”.
قال عَلَمُ العلم والجهاد ابن تيمية رحمه الله:
“وذلك أن الجهاد فرضٌ على الكفاية، فيخاطب به جميع المؤمنين عمومًا، ثم إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين. ولا بد لكل مؤمنٍ من أن يعتقد أنه مأمورٌ به، وأن يعتقد وجوبه، وأن يعزم عليه إذا احتيج إليه، وهذا يتضمن تحديث نفسه بفعله. فمن مات ولم يغز أو لم يحدث نفسه بالغزو؛ نقص من إيمانه الواجب عليه بقدر ذلك، فمات على شعبة نفاقٍ”.
قال العبد الفقير: وجه هذا أن من لم يقاتل عدو الله ولم يحدث نفسه بقتاله؛ فليس عدوُّ الله بعدوٍّ له على الحقيقة، ولو كان لحدث نفسه بقتاله، فإن حديث النفس بمحاربة من تعادي أمرٌ فطريٌّ ضروريٌّ، وهو أيسر ما يكون عليها شيئًا، فإذا لم يحصل -مع ضرورته وسهولته- ففي باطن صاحبها ما فيه من ضعف محبة الله وتولِّي أوليائه، وذلك شعبةٌ من النفاق. نعوذ برحمة الله من النفاق كله؛ دِقِّه وجِلِّه.