رب اجعل هذا الحرف لي ولأحبتي فيك هدًى ورحمةً وضياءً؛ لا إله إلا أنت.
تحسبون محمدًا الأزهري الحنبلي وغلامَه وأمثالهما من المفتونين بمُنازلة السلفيين دون الطواغيت، ومحمدَ بن شمس الدين وغلمانه وأمثالهم من المفتونين بمُنازلة الأشعريين دون الطواغيت؛ تحسبونهم يحسبون أنفسهم مصلحين في الأرض! بل يعلمون أنهم ضالون مضلون، ويُشهدهم الذي له الحجة البالغة على أنفسهم بأنفسهم -آناءَ الليل وأطرافَ النهار- أنهم مفسدون.
يا عباد الله ورُحِمتم في الدُّور الثلاثة؛ من شغلكم عن معاداة الطواغيت الذين لا أعدى على الإسلام وأهله منهم -يشهد لذلك الله والملائكة وصالحو الجن والإنس ودوابُّ الأرض- بمعاداة طائفةٍ من المسلمين -مهما ضلَّت وأضلَّت- فاعلموا أنه دجالٌ مفتونٌ، وإنْ حلف لكم بين الركن والمقام بكل أسماء الله الحسنى وجميع صفاته المُثلى أنه يريد بالإسلام وبكم خيرًا؛ أولئك الذئاب قلوبًا.
ما كان السلفيون على عِلَلهم المنهجية، ولا الأشاعرة على عِلَلهم العقدية، ولا غيرهما من طوائف الإسلام كلها؛ بأشد ضررًا على المِلَّة المحمدية والمساكين أهلها؛ من الطواغيت الذين ينازعون الله ربوبيته وأسماءه وصفاته وألوهيته، ويفسدون في الأرض بأنواعٍ من الإفساد لم تخطر لإبليس على بالٍ يوم “لَأُغْوِيَنَّهُمْ”، ويسوقون الناس برَغَب الجاهلية ورَهَبها إلى جهنم كل ساعةٍ زُمَرًا.
أخي السلفي؛ خالف أخاك الأشعري الذي أخالفه مثلك في طائفةٍ من أصوله العقدية؛ لكن لا تجعل عداوتك وبغضاءك فيه.. إلا أشعريًّا يُعبِّد الناس للقبور، فذلك لو رآه سيدنا أبو الحسن الأشعري -رضي الله عنه- والأئمة المهديون من الأشاعرة بعده؛ لسبقوك إلى البراء منه، واعلم أنه لا تلازم بين الأشعرية وبين ضلالات القبوريين مهما كثر هؤلاء في أولئك، “وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا”.
أخي الأشعري: خالف أخاك السلفي الذي أخالفه مثلك في طائفةٍ من قواعده المنهجية؛ لكن لا تجعل عداوتك وبغضاءك فيه.. إلا سلفيًّا يُعبِّد الناس للطواغيت؛ فذلك لو رآه السادة أبو حنيفة ومالكٌ والشافعي وأحمد -رضي الله عنهم- لرجموه قبلك لا يبالون، واعلم أنه لا تلازم بين السلفية وبين زندقات القصوريين مهما كثر هؤلاء في أولئك، “وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ”.
تالله لو بُعث أئمة السلفيين والأشعريين من قبورهم اليوم -وربُّهم أرأف بهم وأرحم لهم من أن يفعل- ما عرفوا من هؤلاء وأولئك إلا صراخ النسبة إليهم، فأما روائع العلم وبدائع العمل التي بسط الله للأولين فيها؛ فالكافة -اليوم- عنها أجانب إلا من عصم الله منهم وما أقلَّهم! وأما جهاد عامة الأقدمين أعداء الله.. فلو بلغ المحدَثين من أدعيائهم؛ ما عرفوه إلا قليلًا منهم. لك الله يا دين محمدٍ.
قال قائلٌ منكم: ألا يغضب هؤلاء وأولئك لفظائع الطواغيت في الإسلام وأهله مثلما نغضب بحمد الله! قلت: ليس أحدٌ فيكم بأقلَّ غضبًا من أحدٍ؛ لكن الله إذا هان عليه عبدٌ جعل قوته الغضبية في طائفةٍ من أوليائه، ولا يزال به كذلك حتى يجعل رضاه في أعدائه. ألا إن الطواغيت وسائر الكفرة الفجرة أولى بعداوتكم وبغضائكم فأولى، ثم أولى بذلك منكم فأولى. نعوذ بك اللهم من حَوَل البراء.