لقد كان تردُّدي -ساعتَئذٍ- بين يدَي المعصية أفعلها أم أتركها؛ قبيحًا غاية القبح، لم يكن له معنًى سوى حيرتي بين رضوان ربي وسخطه، وهل شيءٌ أشنعُ في ناموس الحب من ذلك لو كنت بصيرًا!
ربَّاه كيف كنت عندك حين قطعت تذبذبي بين فعل ما تكره وتركِه؛ فرجَّحت فعلَه، وآثرت ما يغضبك عليَّ على ما يُفرحك بي! اللهمَّ إني اليوم -وقد أفقت بغوثك من غفلتي- أستعتبك حتى ترضى.
يا غنيًّا عن خلقك؛ وعزَّتك ما حقُّك أن تُعصى بشيءٍ طرفة عينٍ؛ لكن غرَّني بالغ حِلمك عليَّ في سوالف الخطايا فلم تعجَل قطُّ بمؤاخذتي، وأن عادتك الدائمة فيَّ الستر السابغ الجميل، وأنك أنت.
ربَّاه فاغفر لي؛ لا أني مستحقٌّ شيئًا من مغفرتك على إثمٍ كسبته؛ بل لأنك الغافر الغفار الغفور، الغفران صفة ذاتك، وهو أحب إليك وأوسع لديك؛ هذه عقيدتي فيك لا ظني؛ فكن لي عندها برحمتك.