رسائل الأسحار في متواتر الأمطار.

رسائل الأسحار في متواتر الأمطار.

إلى مجاهدٍ وأسيرٍ نائمَين الآن حيث يرى الله.

وإذا العنايةُ لاحَظَتْكَ عيونُها ** نمْ فالمَخاوفُ كلهنَّ أمانُ

يا حبيبًا في ثَغره أو في زنزانته؛ جعل الله نومك بركةً على يقظتك.

نائمٌ أنت الساعة قليلَ الحِيلة في فراشك! فالحيُّ القيُّوم يدبر أمرك فوق عرشه.

“إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ”؛ أذاقكما الله من برْدها وسلامها أوفى حظٍّ وأوفرَ نصيبٍ.

إذا فقدتما في منامكما السكن والأهل والراحة؛ فأنتما واجدان من الله يوم تلقيانه كلَّ سُلْوَانٍ جميلٍ.

حين يفرَغ المؤمن من جواب الملكين في القبر ملهَمًا مثبَّتًا من الله؛ يقولان له: “نم”، فيقول لهما: أرجع فأخبر أهلي؟ فيقولان له: “نم كنَومَة العَروس الذي لا يوقظه إلا أحبُّ أهله إليه”؛ يا له من حديثٍ!

ليس نوم المؤمن في قبره كنوم أهل الدنيا؛ لكن شُبِّه به في طِيب النفْس وراحة البال؛ كأني بالمجاهد والأسير أَولى من قيل له في القبور: “نم كنَومَة العَروس”، ومن أولى بها منهما عند الله! وهل جزاء اضطراب أفئدتهم في حياتهم الدنيا طويلًا؛ إلا سكينتها في البرازخ ويوم تكون أفئدة الظالمين هواءً!

يا مجاهدينا وأُسارانا؛ حسبُكم من الليل لذَّةً ما أرَّقتم به مضاجعَ الطغاة، ولقد نمتم وتنامون وستنامون، “وِقِلّ نُومنا في المضاجعْ ** آدِي احْنا نِمنا ما اشتهينا”؛ أفرَغ الله عليكم صبرًا، وأنامكم وادِعِين.

“وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا”؛ السُّبات الراحة، والذي يجعله في النوم هو الله، فإذا ذهب السُّبات فقد بقي الله.

أضف تعليق