“ادع الله لي بالمغفرة والتوبة

“ادع الله لي بالمغفرة والتوبة والهدى والثبات؛ فإني مفتقرٌ إلى ذلك”.

وحده لا شريك له الخبير -جلَّ جلاله- ربي؛ يعلم ما يفعله هذا الرجاء الكريم بقلبي.

أسمعه صوتًا ممن أعرف، أو أقرؤه حرفًا ممن لا أعرف؛ فيأخذ بجوانحي وجوارحي أخذًا شديدًا.

كيف يقع في سمع الله وإنه لَربك، وإنه للَأولى بك من نفسك، وإنه لَلرحمن الرحيم؟

تعالت رحمة الله أن يحيط بعلمها أحدٌ؛ وإنْ ملكٌ مقرَّبٌ، أو نبيٌّ مرسلٌ.

أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- شيخٌ كبيرٌ هرمٌ، قد سقط حاجباه على عينيه، وهو مدَّعِمٌ على عصًا (متكئٌ عليها)؛ حتى قام بين يديه، فقال: أرأيت رجلًا عمل الذنوب كلها؛ لم يترك داجة ولا حاجة إلا أتاها، لو قُسِمت خطيئته على أهل الأرض لأوبقتهم؛ أله توبةٌ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “هل أسلمت؟” قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: “تفعل الخيرات، وتترك السيئات؛ فيجعلهن الله لك كلهن خيراتٍ”، قال: وغدراتي وفجراتي يا رسول الله؟ قال: “نعم؛ وغدراتك وفجراتك”، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثم ادَّعم على عصاه، فلم يزل يردد: الله أكبر؛ حتى توارى عن الأنظار.

اللهم إن كبَّر هذا الشيخ الفاني بين يدي نبيك فرحًا برحمتك؛ فإنا نكبِّر بين يديك أنت -وقد شيبتنا آثامنا- أشدَّ فرحةً منه؛ فإن غدراتنا وفجراتنا أجلُّ، وضعفنا وعجزنا أوفى، ولسنا موصولين بباب رسولك رحمة العالمين كما كان ذلك الشيخ به موصولًا؛ يا ذا الباب المنَّاح الذي لا يوصد أبدًا.

الله أكبر فرحين برحمتك ربنا التي وسعت كل شيءٍ، الله أكبر مستبشرين بقدرتك إلهنا على مغفرة كل شيءٍ، الله أكبر مبتهجين بعظم رجائنا فيك حبيبنا وإنا لا شيء، الله أكبر نرى اليوم -بحسن الظن بك- أنك رحمتنا غدًا حتى لم تحاسبنا في شيءٍ، الله أكبر الله أكبر عدد ذنوبنا حتى تغفر.

“وَإِذَا جَآءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ”؛ هذا ما أمر الله نبيه أن يقوله لمن جاء بابه؛ ما هو قائلٌ لنا ربنا إذا جئنا رحابه؟ الآن نسمعك ربنا بآذان اليقين.

“فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ”؛ آهٍ وآهًا وأوَّه وأوَّاه وأوَّتاه وواهًا! تتعرَّض ربنا للجاحدين برحمتك قبل عذابك! فنحن المصدقون ياربُّ وإن عصينا.

نحن ياربُّ عبادك الذين ناديتهم: “لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ”؛ نحن أولئك المسرفون على أنفسهم، نحن ياربُّ بنو آدم الذي عصاك فرحمته بالتوبة منه ثم رحمته بقبولها عنه، نحن ياربُّ من إذا نظرنا إلى أنفسنا يئسنا حتى لكأن النار لم تخلق إلا لنا؛ فإذا نظرنا إلى رحمتك طمعنا حتى لكأن جنتك لم تخلق إلا لنا، نحن ياربُّ من تعلم ما اقترفنا وحدك، وتقدر على العفو عنها جميعًا وحدك، نحن ياربُّ من شاكلتُنا الخطايا وأنت الذي شاكلتُك الرحمة؛ فإذا عملنا على شاكلتنا فعصينا؛ فرجاؤنا أن تعمل على شاكلتك فترحمنا، نحبك ولا نستطيع، ونريدك ولا نقدر، إما رحمتك وإما النار، نحن عبادك أنت.

يا عباد أرحم الراحمين؛ رحمة الله رحبةٌ، رحمة الله مدهشةٌ، رحمة الله مبتداكم، رحمة الله منتهاكم؛ وسِّعوا أطماعكم في ربكم، وروِّحوا أرواحكم بنسائم رجائكم، وابعثوا قلوبكم بها بعثًا جديدًا.

ستُّ منشوراتٍ بالتعليقات متمِّماتٌ المعنى؛ قرأ كتابه باليمين عبدٌ قرأها؛ إن ربنا قريبٌ مجيبٌ.

“لا تنسَ أخاكْ * ترعاهُ

“لا تنسَ أخاكْ * ترعاهُ يداكْ”؛ مبناها وصية أمك بأخيك، ومعناها وصية الله بكل أخٍ لك.

أخوك أحوج إليك عاصيًا من حاجته إليك طائعًا، وأنت أحوج إليه غدًا من حاجته إليك اليوم.

انظر إلى آثار رحمة ربك -جلَّ جلاله- في أبويك آدم وحواء -عليهما سلامه- وقد عصياه! ثم سل فؤادك؛ إن يكُ هذا فعل ربي بأبويَّ وهما موصولان به؛ كيف فعلي بأخي إذا انقطع عن الله؟!

“وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ”؛ سبحانك اللهم!

“وَنَادَاهُمَا”؛ يا كلَّ ما في كلِّ صفات ربنا من جلالٍ وجمالٍ؛ في هذا الحرف الودود الرفيق!

كيف ناداهم وقد عصوه بعد مخصوص إنعامه؟! أم كيف ناداهم وقد جرَت زلَّتهم في جواره وإكرامه؟! كيف وهم الفقراء إليه وهو الغني عنهم؟! كيف وهو من لا تنفعه طاعتهم ولا تضره معصيتهم؟!

ناداهم لأنه لا ملجأ لهم منه إلا إليه، ناداهم لأنه ليس لحسراتهم بعد معصيتهم مُطفئٌ إلا برد كلامه، ولا لوحشة أرواحهم بعد وجع خطيئتهم إلا شفاء أنسه، ولا لقلق أفئدتهم بعد غربة بعادهم سكنٌ إلا بالاجتماع عليه، ولا لافتقار نفوسهم بعد جفائهم إلا الغِنى بإبهاجه؛ ناداهم لأنه هو وهُم هُم.

“رَبُّهُمَآ”؛ الربوبية إيجادٌ وإعدادٌ وإمدادٌ وإسعادٌ؛ إيجادهم للعبادة؛ فإذا ضلوا عنها أو عجزوا دونها ناداهم هاديًا ومعينًا، وإعدادهم لما أُوجدوا له؛ فإذا أحدثوا وغيروا ناداهم مبدئًا ومعيدًا، وإمدادهم بالأسباب الباطنة والظاهرة المعينة لهم؛ فإذا قصَّروا فيها نظرًا أو عملًا ناداهم جابرًا وكريمًا، وإسعادهم بالعفو عن إساءتهم وبالمثوبة على إحسانهم، فيعرِّضهم لذلك بندائه غفورًا شكورًا.

“أَلَمْ أَنْهَكُمَا”؛ عتابٌ لطيفٌ أخَّاذٌ من ربٍّ حليمٍ رحيمٍ، فيه تبصيرٌ بقدره الأعلى ومقامه الأسمى، مُسَبَّحٌ أمرُه وإن خالفه عباده جاهلين، مُقَدَّسٌ نهيُه وإن قارفه عباده ظالمين، وله العُتبى حتى يرضى.

“عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ”؛ ذكَّرهم ثانيًا بما نهاهم عنه أولًا؛ ليعرفوه بعد إفاقتهم معرفةً جديدةً، وليتبينوا حقيقته هذه المرة بعين الله لا بعيونهم؛ فيحذروه حذرًا شديدًا، ويعتبروا في أمثاله من مناهي الله.

“وَأَقُل لَّكُمَآ”؛ نَبوء لك اللهم بمُحْكَم هداك، ما فرَّط ربنا في هدانا من شيءٍ، شهدنا أن الله قال لنا وقال، وفعل لنا وفعل، جميلًا جزيلًا، أما ما في “لَّكُمَآ” من رفقٍ وحنانٍ؛ فشيءٌ يعيا عنده كل بيانٍ.

“إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ”؛ لأنه -سبحانه- وليهم، ولأن ولايته لهم أكمل الولايات؛ عرَّفهم بعدوه وعدوهم، وكما بين لهم ذلك قبل معصيته بين لهم بعدها؛ تلك رحمةٌ وسعت بحقٍّ كل شيءٍ.

ولو أنه -تعالى- قال: إن الشيطان عدوٌّ مبينٌ؛ لكفى؛ لكنه قال: “إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ”؛ فأفادت “لَكُمَا” في جهته -عزَّ ثناؤه- وفي جهة عباده ما أفادت؛ فأما عن الله فإن عداوة الشيطان مهما بلغت لا تضره -عليًّا كبيرًا- شيئًا، وأما عن عباده فإن اتخاذهم الشيطان عدوًّا نفعٌ لهم، وضرر موالاتهم إياه عليهم، كما أن فيها من رأفة الله بتحذيره عبادَه عدوَّهم شيئًا عظيمًا؛ فسبحان الله الحميد المجيد!

ذلكم الله مولانا الكبير، وذلكم فعله الكريم بمن عصاه، وإن له لَلْخلقُ والأمرُ وحده؛ ما فعلُ عبدٍ ليس له من الخلق والأمر شيءٌ بعبدٍ أخيه إذا عصى؟! إلى الله شكوى خلائقنا في مخالقة خلقه.

نادُوا على العصاة رؤفاءَ رحماءَ كما نادى الله، وعاتبوهم عتاب المحبين المشفقين كما عاتب الله، وعرِّفوهم قدْر الله كما فعل الله، وبينوا لهم ما خالفوا من أمرٍ أو قارفوا من نهيٍ كما بين الله.

من تعلق بصفةٍ من صفات الرب تعالى؛ أدخلته تلك الصفة عليه، وأوصلته إليه؛ فمن أرشد العصاة حيارى أرشده الله كلَّ حيرةٍ له، ومن أعانهم عجزةً أعانه الله كلَّ عجزٍ منه؛ “جَزَآءً وِفَاقًا”.

أما رسول الله فليس كمثل أنفاس رحمته بالعصاة شيءٌ، أرحب من جوِّ السماء وأوسع من عرض الأرض، جعله الله مآبهم إليه ومتابهم، وشهادته: “وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ” حسبه وحسبهم.

ثم جعل لهذه الأنفاس الشريفة من خاصة المؤمنين وُرَّاثًا بررةً، أسندهم الرحمن بمرحمات قلوبهم إلى متن رحموت نبيه الرحيم؛ أولئك الصالحون -بحظهم من الجمال- للبلاغ عنه في الخلق، والجهاد -ببختهم من الندى- في سبيله في الأرض، والحُكم -بنصيبهم من التَّحنان- بشرعته في العالمين.

يا وُرَّاث أنفاس رسول الله؛ أقبلوا بقلوبكم على المدبرين، وأضيئوا من نفوسكم للشاردين، خالقوا المذنبين بما تحبون أن تُخَالَقوا به مذنبين، ولَمَن حفظ حدود الله إن ذلك لَمِن عزم الأمور.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. أخي الذي أحب امرأةً

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

أخي الذي أحب امرأةً لا تحل له مدةً، ووصلها جانيًا على نفسه وعليها، ثم قضى الله بينكما رأفةً بالفراق؛ ليقطع -بفضله- سَيْلَ قلبيكما الجارفَ إلى الحرام، ثم تدركك -الآن- غيرةٌ عليها من أجنبيٍّ غيرك يتعرض لها بشيءٍ من الوصل؛ أنت -يا صاحبي- من قبل هذا الأجنبي أجنبيٌّ عنها كذلك، لم يأذن الله ورسوله بمحبتك هذه قطُّ، ولا يبيح لك سالف الوئام منها شيئًا، ولن يزن ذلك في “ميزان الحقوق والحدود” -ما دامت السماوات والأرض- جناح بعوضةٍ؛ فتبصَّر يا رعاك الله.

هكذا يجب أن تعارض قلبك كلما جمح، وعقلك كلما شرد، ونحن إذ نلاطفك من وجهٍ فنرجو الله لك عزيز المعافاة؛ نخاشنك من وجهٍ آخر فنخوِّفك حرمات الله أن يحوم حولها فؤادك.

هذا أنا العبد؛ إذا بلغني أنك تستطيل إلى ابنتي بشيءٍ من ذلك بغير حقٍّ تغيَّظت عليك، وسعيت في مجازاتك بقدر جنايتك غير غافرٍ لك؛ كيف هي غيرة الحق -جلَّ جلاله- على حرمات عباده؟!

“يا أمَّة محمدٍ؛ والله ما من أحدٍ أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أَمَته”؛ قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ربما تقول الآن: لم أبلغ الزنا؛ وهل يدعك رسول الله -“حَرِيصٌ عَلَيْكُم”- حتى تبلغه؟!

بئس خطابٌ قاصرٌ على ترغيب المبتلين بالعشق دون الترهيب؛ فأما الله ورسوله فعلَّمانا الجمع.

يا صديقي؛ جاهد نفسك طمَّاحةً طمَّاعةً واغلظ عليها؛ وكما تواسيها حينًا فازجرها أحيانًا أخرى.

قل لها: يا نفس؛ ليس لعلة حبكِ شفاءٌ إلا بالوصال، “لم يُرَ للمتحابَّين مثلُ النكاح”؛ سنة بارئ الحب جلَّاها شيخ المحبين صلى الله عليه وسلم، لن تجدي لسنة الله تبديلًا ولن تجدي لسنة الله تحويلًا.

يا نفس؛ إن لم يكن نكاحٌ فسفاحٌ، فإذا لم يقسم الله لكِ من الحلال نصيبًا بحكمته؛ لم يبق لكِ إلا الحرام، وإنه النار مهما لذَّ وطاب، وإن أوله هذه الخطرات؛ خطرةٌ ففكرةٌ فشهوةٌ فعزيمةٌ ففعلٌ؛ كيف؟!

يا معشر من بسط الرحمن في قلوبهم؛ تخيروا لحبكم؛ فإنما هي طاقةٌ واحدةٌ، في حياةٍ واحدةٍ.

يا أيها المبتلاة قلوبهم بهذا الداء الوبيل؛ استغيثوا الله بالعافية، ولا تهملوا سببًا ييسِّركم لليسرى، وإلا فأنتم أشد الناس بؤسًا؛ أسيرةٌ بالنهار أرواحكم، نازفةٌ بالليل جراحكم، “وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ”.

“القتل خارج القانون”. تشكو أبا

“القتل خارج القانون”.

تشكو أبا جهلٍ إلى أبي لهبٍ!!

من أشنع المقالات فجورًا -في واقعنا الأسود- هذه المقالة، ومن عجبٍ أن كثيرًا من الثائرين على الطغاة -بحمد الله- يرددونها، ومهما قصد بها قائلٌ خيرًا؛ تبقى ملعونةً لا خير فيها.

يا عباد الله الطيبين؛ اعلموا أنه لا يسفك لكم دمٌ ولا ينتهك لكم عرضٌ؛ إلا بقانونٍ؛ إن لم يكن بقانونٍ خاصٍّ يبيح للبعداء البغضاء ذلك فبقانونٍ عامٍّ، وإن لم يكن بقانونٍ داخليٍّ فبقانونٍ خارجيٍّ، وإن لم يكن بقانونٍ نظريٍّ مكتوبٍ فبقانون الغالب في المغلوب “القوة”؛ القوة -يا سادة- هي القانون.

كأنها تسوِّغ للناس أن يُقتلوا بالقانون؛ بعدما تؤكد لهم ما يقرره الطواغيت من حرمة شرائعهم.

كان السنهوري يقول (ما معناه): إنما القانون لإحكام ما بين الأقوياء، أو لإحكام ما بين الضعفاء؛ فأما الذي بين الأقوياء والضعفاء فهو القوة وحسب. وهي سنةٌ جاريةٌ في الخلق أجمعين.

صغارًا كنا نحفظ من شعر أحمد مطر: من يملك القانون في أوطاننا؛ هو الذي يملك حق عزفه.

حصل حالًا: – آلو؛ سلامو

حصل حالًا:

– آلو؛ سلامو عليكو، ازيك يا سمية.

وعليكم السلام؛ أنا مش سمية يا ماما؛ ربنا يبارك فيك، الرقم غلط حضرتك.

– أمَّال انت مين يا ابني؟ أنا طالبة سمية بنت خالتي؛ هي غيرت رقمها ولا إيه؟

ممكن يا ماما تكون غيرت رقمها؛ ربنا يعزك ويحفظك ويحسن إليك.

– انت دعاك حلو أوي يا ابني؛ ممكن الله يخليك تدعي لابني ربنا يفك ضيقته ويلاقي شغل.

ياه يا ماما! عيوني والله؛ ربنا ييسر له أمره، ويوسع عليه، ويغنيه بالحلال الطيب.

– الله يكرمك يا ابني؛ متنساش -يسترك- عشان ظروفه صعبة أوي. (بصوت يقطع القلب).

آهٍ وألف آهةٍ والله؛ هذه هي الأمومة يا معشر الأبناء؛ أمٌّ تغتنم ثانيةً في اتصالٍ غير مقصودٍ للإلحاح بطلب الخير لولدها من إنسانٍ لا تعرفه بمجرد دعائه لها! أخطأت عينها رقم قريبتها الصحيح؛ لكن لم يخطئ قلبها ذكرَ ولدها بالرأفة والرحمة؛ ربنا إن لم تعنا على بر أمهاتنا وآبائنا نكن من الهالكين.

“لم يأت رجلٌ قطُّ بمثل

“لم يأت رجلٌ قطُّ بمثل ما جئتَ به؛ إلا عُودي”.

انظر كيف صَدَقَ ورقة بن نوفلٍ -رحمه الله- رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من أول يومٍ من أيام هذا الدين بحقيقته، وأنه ابتلاءٌ عظيمٌ، وأن طريقه طريق حربٍ لا هوادة فيها، وأنها سنةٌ ماضيةٌ في أهله من أوله، باقيةٌ فيهم إلى آخره؛ “وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ”، “وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا”.

انظر هذا القول الفصل، ثم ما تقوم عليه عامة الدعوات إلى الإسلام اليوم؛ من مخادعة المدعوِّين بسهولة سبيل الإسلام، وأنها آمنةٌ سالمةٌ؛ يظهر لك الفرق بين العلم والجهل، وبين الأمانة والتدليس.

يحسب من يأتون إلى الناس ذلك أنهم يرفقون بهم؛ وحقُّ الرفق بهم أن يكاشَفوا بحقيقة ما يقدمون عليه من شأنٍ جسيمٍ؛ لتتهيأ له قلوبهم، وتتأهب له جوارحهم، وليستعينوا الله -علا وتعالى- على مكابدته.

لا يعارض ذلك ما كتب الله -جلَّ جلاله- من تيسيرٍ لأهل الإسلام -في عقائدهم وفي شرائعهم- إذا هم تقبلوه عنه -سبحانه- بقبولٍ حسنٍ، وسلَّموا له -تعالى- فيه تسليمًا؛ فهذا أمرٌ آخر؛ “ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ”.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. قال: أحببت يا أبت؛

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

قال: أحببت يا أبت؛ حتَّى نسيت في جزئيَّات من أحبُّ كلِّيَّاتي، ثمَّ جازاني بنسياني!

قال: أمَّا الأولى يا بنيَّ؛ فمن علَّمك أنَّ الحبَّ لا يكون إلَّا إفناءً للنَّفس في المحبوب! إنَّما ذلك لله؛ فإنَّ حقَّ العبوديَّة ألَّا تبقى لغيره فيك بقيَّةٌ، فأمَّا من النَّاس فالحبُّ نفعٌ وانتفاعٌ، وإمتاعٌ واستمتاعٌ؛ في باطنٍ وظاهرٍ، والمحبُّون على إفناء نفوسهم يفنى حبُّهم أو يفنَون هم، وقد خلق الله الحبَّ للحياة والإحياء.

لا أقصد به -يا بنيَّ- أن يكون نفعك مشروطًا بانتفاعك، ولا أن يكون استمتاعك أوفى نصيبًا من إمتاعك؛ فإن الحبَّ أن تؤثر حظَّ محبوبك منك على حظِّك منه؛ لكنَّ من يستحقُّ قلبك تستحقُّ رعايته.

وأمَّا الأخرى؛ فإنِّي لا أعجب منها عجبك؛ فإنَّ كلَّ مملوكٍ مملولٌ، وكلَّ محجوبٍ مطلوبٌ، ومن أرخص نفسه زهَّد فيها، بذلك مضت سنَّة الله في الخلق؛ حتَّى أولئك الباذلين نفوسهم لمن يحبُّون.

يا بنيَّ؛ لا حبَّ بغير ذلٍّ؛ لكنْ من صاحبيه جميعًا، فإن فعلا جمعهما الله على بساطٍ من العزِّ كريمٍ.

أيها السائلون عن مرضاة الله

أيها السائلون عن مرضاة الله كثيرًا، الراغبون في حنانه وجِنانه ورضوانه.

هذا جواب إمامنا الذهبي -رحمه الله- كافيًا شافيًا؛ وددت -والله- أن يبلغ قوله كل مسلمٍ في الأرض.

“فوالله إن ترتيل سبُع القرآن في تهجد قيام الليل، مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة، ودبر المكتوبة والسَّحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلَصًا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعةٍ بخشوعٍ وطمأنينةٍ وانكسارٍ وإيمانٍ، مع أداء الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة، وصلة الرحم، والتواضع، والإخلاص في جميع ذلك؛ لشغلٌ عظيمٌ جسيمٌ، ولَمَقامُ أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين”.

اللهم كما علمتنا ما تحب؛ فارزقنا به العمل، وأعنا على الصدق به والإخلاص فيه والاستقامة عليه.

أربعة مسلمين آخرون أعدمهمم الكفار

أربعة مسلمين آخرون أعدمهمم الكفار اليوم؛ بلَّغنا الله ثأرَهم.

قال قائلٌ منكم: من الكفار؟ قلت: قاتلوهم؛ محاربو الإسلام وأهله أشدَّ من أبي جهلٍ وأبي لهبٍ.

لا تحسبوهمْ مسلمينَ منَ اسمهمْ ** لا دينَ فيهمْ غيرُ سبِّ الدينِ

هذه مصر على أيدي وكلاء احتلالها؛ بصَّر الجبَّار بهم، وأعدَّ عباده لهم، وأمكن منهم، ولعنهم.

قلْ للعواذلِ إنْ رميتمْ مصرَنا ** بتخلفِ التصنيعِ والتعدينِ

مصرُ الحديثةُ قدْ علتْ وتقدمتْ ** في صنعةِ التعذيبِ والتقرينِ

وتفنَّنتْ كيْ لا يملَّ معذَّبٌ ** في العرضِ والإخراجِ والتلوينِ

أرأيتَ بالإنسانِ يُنفخُ بطنُهُ ** حتى يُرى في هيئةِ البالُونِ

أسمعتَ بالإنسانِ يُضغطُ رأسُهُ ** بالطَّوقِ حتى ينتهي لجنونِ

أسمعتَ بالإنسانِ يُشعلُ جسمُهُ ** نارًا وقدْ صبغوهُ بالفزلينِ

أسمعتَ ما يلقى البريءُ ويصطلي ** حتى يقولَ أنا المسيءُ خذوني

أسمعتَ بالآهاتِ تخترقُ الدُّجى ** ربَّاهُ عدلَكَ إنهمْ قتلوني

تقبل -اللهمَّ- عبادك في أكرم الشهداء الطيبين، واربط على قلوب أهليهم ليكونوا من المؤمنين.

#أخي_أنت_مني_مهما_تكن. صدِّق -حبيبي- أو صدِّق؛

#أخي_أنت_مني_مهما_تكن.

صدِّق -حبيبي- أو صدِّق؛ لا يسعك غير التصديق.

يلقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاحبه عبد الرحمن بن عوفٍ -رضي الله عنه- بعد الهجرة، فيرى عليه أثر الزواج، فيسأله -بمعهود رأفته ومألوف رحمته- عنه، فيقول: إني تزوجت يا رسول الله، فيقول له النبي -صلى الله عليه وسلم-: “بارك الله لك؛ أوْلِم ولو بشاةٍ”.

توهَّم -اليوم- أخًا لك لم يدْعُك إلى عرسه؛ ما أنت -بربك العليم الخبير- فاعلٌ معه؟!

هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعظمُ من صُحِبَ، وأولئك أصحابه -رضي الله عنهم- أوفى من صَحبوا؛ لا يُعْلِمه صاحبه بموعد زواجه، وإنه لغريبٌ -معه- عن دياره؛ فإنه كان من المهاجرين.

لم ينقضِ من هذا الحديث -مرةً- عجبي! وكم قلت لإخواني: لئن لم يحتج عبد الرحمن في زواجه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- رسولًا يبصِّره ويهديه؛ فإنه محتاجٌ إليه فيه إنسانًا يعلِّمه ويرقِّيه!

مع ذلك كله وسواه؛ لم يُعْلِمْ عبد الرحمن -وكذلك غيره من الصحابة؛ كما في أحاديث صحيحةٍ أخرى- النبي -صلى الله عليه وسلم- بمواعيد زواجهم، ولم يعتب عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شيءٍ؛ بل كان يدعو لهم بالبركة، ثم يتمِّم عطفه عليهم وإحسانه إليهم بكريم وصاياه.

كم من أخوَّةٍ بيننا نُقضت عُراها؛ بما هو أهون شأنًا من ذلك! ربُّنا المستعان على الصدق والقصْد.

ألا إن رسول الله هو الإنسان القياسيُّ؛ أي من يُقاس عليه وحده؛ في الاعتقاد وفي النسك وفي المعاملة، فأخوَّته هي الأخوَّة القياسية، لا نتزيَّد عليها بشيءٍ، وما لم يكن بينه وبين أصحابه -فيها- شيئًا؛ فلا يكون إلى يوم القيامة شيئًا، ومن وقف عليها -كمالًا تمامًا- عرف بُعْدَ المسافة بيننا وبينهم فيها.

إن من يتعبد لله بالأخوَّة هو الذي يطلب فيها ما يُطلب في كل عبادةٍ؛ الفقه والإخلاص والإحسان.