أسرانا يا مولانا؛ أفرِغ عليهم

أسرانا يا مولانا؛ أفرِغ عليهم صبرًا جميلًا، وثبِّتهم حتى تنجِّيهم قريبًا.

إنما المبتلى أسيرٌ في زنزانةٍ ضيقها المشركون عليه؛ إن بسط فيها رجله ثنى رقبته، وإن بسط فيها رقبته ثنى رجله، أوسع منها عافيةٌ، والله عافيةٌ، والله عافيةٌ.

أسرانا يا مولانا، أسرانا يا

أسرانا يا مولانا، أسرانا يا حيُّ يا قيُّوم؛ الحيُّ اسمُك الجامع لكمالات ذاتك، والقيُّوم اسمُك الجامع لكمالات أفعالك؛ إنما هي “كُنْ” -بحَياتك وقيُّوميَّتك- فيكون ما لا يخطر لهم ولنا على قلوبٍ.

أسرانا يا مولانا؛ أفرِغ عليهم الصبر إفراغًا، واربط على قلوبهم ليكونوا من المؤمنين، وأنسِهم ما هم فيه من أنواع اللأواء بذكرك وشكرك وحسن عبادتك؛ حتى تنجِّيهم مسلمين سالمين جميعًا.

أسرانا يا مولانا؛ اجعل مكر الطغاة عليهم في تضليلٍ وتبابٍ، واشغلهم عن كيدهم بصُنوف الأسقام وألوان العذاب، وحُل بينهم وبين ما يشتهون فينا أنت ربُّ الأرباب؛ حسبنا أنت ونعم الوكيل.

أسرانا يا مولانا؛ اجعل محلَّهم بين أعيُننا حتى لا نرى شيئًا بسطته لنا وقبضته عنهم إلا بهم، وبصِّرنا بجميع حقوقهم، وأعنَّا عليها، وأعذنا من خذلانهم، واخلفُهم في أهليهم بحِبالنا؛ لا إله إلا أنت.

فيما بقي من ساعة الإجابة:

فيما بقي من ساعة الإجابة:

يا مولى الغيث والغوث؛ سلِّم أسرانا.

كفى بالله شهيدًا بيننا وبينكم؛ يا كفرة الحُكم الفجرة.

في مصر دون سجون اليهود؛ أسرى يُزهقهم برد الشتاء الشديد.

زنازين تغمرها الأمطار؛ فتفعل في مسكونيها وفي ثيابهم وأغطيتهم الأفاعيل.

أسرانا يا مولانا؛ اجعل شدائد الشتاء فداءً لهم من زمهرير جهنم؛ حتى تنجِّيهم قريبًا أجمعين.

يا شرَّ طواغيت الأرض؛ إنما الدنيا من أولها إلى آخرها يومٌ واحدٌ فانٍ، وإن من ورائها دارًا لا تفنى أحقابًا، وإن إلهنا إذا جمعنا وإياكم؛ أثابنا برحمته نعيمًا يُنسينا كل بؤسٍ ذقناه، وأثابكم بانتقامه جحيمًا يُنسيكم كل نعيمٍ ذقتموه؛ فما أرضانا يومئذٍ وأشقاكم! أمكن الجبَّار منكم ولعنكم في الدارين لعنًا كبيرًا.

أسرانا يا مولانا، أسرانا يا

أسرانا يا مولانا، أسرانا يا محيطًا ببأسائهم، أسرانا يا شهيدًا على ضرَّائهم.

لطِّف لهم هواءك، وبرِّد لهم ماءك، واجعل سجونهم وما فيها فداءً لهم من جهنم وما فيها.

يا أيها الأسرى؛ إنكم عن عقولنا لا تغيبون، وفي قلوبنا لا تبرحون، وفي أفراحنا وأتراحنا مذكورون، نجَّاكم الرحمن نجاةً يبهج بها المؤمنون، ووصلنا بكم في الدنيا والآخرة وصلًا غير ممنونٍ.

أسرانا يا قيومًا على كل

أسرانا يا قيومًا على كل شيءٍ فيهم عنايةً وتدبيرًا، أسرانا يا مولانا.

يا أحَنَّ الجامعين، يا أمَنَّ الواصلين، قرِّب لقاءنا بهم على بساط معافاتك والإيمان.

ربنا واخصص بفضلك ورحمتك؛ من لم يبرحوا تحقيقات الكافرين.

أنت حفيظهم، أنت مُقيتهم، أنت حسيبهم، أنت أولى بهم من أنفسهم ومن العالمين.

يا بالغًا منهم ما لا نبلغ جميعًا؛ آنسِهم من وحشةٍ، وآمِنهم من خوفٍ.

فجرُ فرجٍ على السادة الأسرى

فجرُ فرجٍ على السادة الأسرى أجمعين؛ هذا وقتٌ ذقت نواله وأهواله -هناك- كثيرًا.

أسرانا يا محيطًا بكل شيءٍ، أسرانا يا شهيدًا على كل شيءٍ، أسرانا يا غياثنا، أسرانا يا مولانا.

في الأثر أن الله -سبحانه- لما أمر خليله إبراهيم -عليه السلام- أن يؤذِّن في الناس بالحج؛ قال إبراهيم: ومن يسمع صوتي يا رب؟ فقال الله -عزَّ وجلَّ- له: “يا إبراهيم؛ عليك النداء، وعلينا البلاغ”.

اللهم إني منادٍ على أجزاء روحي في السجون؛ فبلغ من تشاء عن عبدك رحمةً منك وفضلًا كبيرًا.

أيها السادة الأسرى؛ قوموا إلى صلاة الفجر خفافًا مما أُثقل به أهل العافية من أوزار الحياة الدنيا، ثقالًا بأشدِّ عمل أهل الفردوس الأعلى قوةً “الصبر”، ما الله عما نمتم فيه من آلام الوحشة والضيق والأشواق بغافلٍ، وإنه إلى الذي صحوتم عليه من طوابير انتظار “الخلاء والوضوء” لناظرٌ؛ حسبكم الله.

حسبكم الله الذي قدَر بلاءكم وحده، حسبكم الله السميع البصير ما أنتم فيه باطنًا وظاهرًا وحده، حسبكم الله الذي لا يضيع عنده شيءٌ من أوجاعكم وحده، حسبكم الله الذي وعدكم على المحنة تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفعة الدرجات وجميل مواهب الدنيا والآخرة وحده، حسبكم الله ونعم الوكيل.

يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي يا حبايبي؛ بقية الله خيرٌ لكم.

أهدي هذا الشعر الأسيف لرزان

أهدي هذا الشعر الأسيف لرزان الخطيب؛ إلى كل حبيبٍ سجنه الأشرار.

قلْ لي بربكَ يا خليلي عندما ** شدَّ المنافقُ مِعْصَمَيْكَ أأوجعكْ

قلْ لي إذا همْ أخرجوكَ وكبَّلوكَ ** بأيِّ شيءٍ أفتديكَ لأُرجعكْ

عيني المليئةُ بالدموعِ وخافقي ** ليسا معي واللهِ قدْ حُبِسَا معكْ

أسرانا يا غياث المستغيثين، أسرانا يا مجيب المضطرين، أسرانا يا مولانا.

أسرانا يا فتاح الأبواب، أسرانا

أسرانا يا فتاح الأبواب، أسرانا يا قهار الأسباب، أسرانا يا مولانا.

أنت بأحوالهم -دقيقها وجليلها- أعلم وأخبر، وعلى كشف كرباتهم -باطنها وظاهرها- أقوى وأقدر.

تولَّهم وأهليهم بخير ما تتولى به الطيبين، ونجِّهم ثابتين أجمعين.

أسرانا يا شهيدًا على كل

أسرانا يا شهيدًا على كل شيءٍ، أسرانا يا محيطًا بكل شيءٍ، أسرانا يا مولانا.

تسيء عقولنا الظن بالطواغيت فنقول: لا يخرجونهم، وتحسن قلوبنا الظن بك فنقول: تخرجهم.

حسبُهم وحسبُ أهليهم وحسبُ محبيهم وحسبُنا؛ الله البرُّ القريب ونعم الوكيل.

ربَّاه يا مولى الموالي؛ خُصَّ من لم يبرحوا أطوار تحقيقات الطغاة بحميد تأييدك ومزيد تسديدك.

اللهم عافيةً واسعةً مدهشةً بقدرٍ كريمٍ عُجَّابٍ لأسرانا أجمعين؛ لا إله إلا أنت.